تعتبر السِمنة من أكثر المشاكل الصحية المنتشرة في الآونة الأخيرة، ليس فقط في البلدان العربية، ولكن أيضاً في أوروبا. ولأن السمنة تعتبر عامل خطورة للكثير من الأمراض الخطيرة مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب على سبيل المثال لا الحصر. لذا وجب على أخصائي التغذية تقديم حلول جذرية وعملية لحل هذه المشكلة. وأحد أشهر وأهم تلك الحلول هو نظام الكيتو. لا يعد نظام الكيتو نظام حديث نسبياً حيث تم تقديمه لأول مرة للعالم منذ ما يقرب من عدة عقود ولكن كان في الأساس يستخدم لعلاج مرضى الصرع، ثم ما لبث أن أثبت فاعليته في حل مشكلة السمنة والتخلص من الدهون المخزنة في الجسم. قد تتساءل عزيزي القارئ كيف حدث هذا التحول؟ وما هو نظام الكيتو ؟ وعلام يعتمد؟ ولماذا اكتسب هذه الشهرة الواسعة وهذا الصيت الكبير. في هذا المقال سأقدم شرح كافي ووافي لكل المفاهيم الخاصة لنظام الكيتو، وكيفية حساب السعرات اليومية.
تاريخ نظام الكيتو:
لقد حظي نظام الكيتو بشهرته الأولى في عام ١٩٢٠ حيث شاع استخدامه كعلاج للصرع، حيث تم تقديمه كبديل للصيام حيث كان يستخدم كعلاج للصرع. ولكن تم نسيان نظام الكيتو بعد فترة من الزمن نتيجة تمكن الأطباء من تطوير أدوية مضادات الصرع. وعلى الرغم من تمكن أدوية الصرع من إثبات فاعليتها فى علاج نسبة كبيرة من حالات الصرع، إلا أن الدواء لم يُفلح مع نسبة من المرضى وصلت إلى ٢٠% وكانت الأغلبية من الأطفال. لذا تم تقديم نظام الكيتو مرة أخرى كحل بديل لعلاج الصرع.
نظام الكيتو ما هو؟
نظام الكيتو هو أحد الأنظمة الغذائية التي تعتمد بشكل أساسي على الدهون والبروتينات وتقليل نسبة الكربوهيدرات جداً. وهذا ما يدخل الجسم في حالة جديدة من الحرق تسمى الكيتوزيس ketosis. ولمعرفة الكيتوزيس هذا وجب علينا توضيح بعض المفاهيم عن كيفية عمل الجسم.
يعمل الجسم عزيزي القارئ بشكل مبهر للغاية، ومن السطور القادمة سنرى عظمة الخالق فينا فعلاً. يتكون الجسم من ملايين الخلايا التي تتجمع لتشكل الأعضاء الداخلية، وكل عضو له وظيفته المحددة. ولكي تعمل هذه الأعضاء لابد لها من وقود وطبعاً نحصل نحن على هذا الوقود من الطعام الذي نتناوله يومياً. ويتألف الطعام غالباً عند غالبية الناس من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. في الوضع العادي للجسم يقوم الجهاز الهضمي بعملية هضم وامتصاص هذه المواد لإنتاج الطاقة. ولأن الكربوهيدرات أسهل هذه المواد في الهضم فإن الجسم يعتمد عليها بشكل أساسي في إنتاج ما يحتاجه من الطاقة. إذا فإن الكربوهيدرات أو النشويات أو السكر كلها نفس المسمى تعتبر هي المصدر الأساسي لإنتاج الطاقة.
في نظام الكيتو نقوم بتقليل نسبة الكربوهيدرات والنشويات جداً بحيث لن يجد الجسم كمية الكربوهيدرات التي تكفي لإنتاج الطاقة الكافية لأداء وظائفه، فيقوم بتغيير المنظومة الحيوية المختصة بعملية الأيض في الجسم حتى تعتمد على الدهون بشكل رئيسي لإنتاج الطاقة بدلاً من الكربوهيدرات. حتى يدخل الجسم بعد ذلك في حالة الكيتوزيس. ما الكيتوزيس؟ يمكنني إخبارك الآن، الكيتوزيس هي عملية حرق الدهون وإنتاج مواد تسمى الكيتونات ketones التي تعتبر مصدر الطاقة الرئيسي للجسم في حالة اتباع نظام الكيتو. وأيضاً يمكن أن يحدث الكيتوزيس في حالة الحمل، الصيام، وفي فترات الطفولة المبكرة.
ولكي نبدأ إدخال الجسم في حالة الكيتوزيس يجب أن تقل نسبة الكربوهيدرات المتناولة يومياً إلى ٥٠ جرام فقط، وأحياناً يجب ألا تزيد عن ٢٠ جرام. وهذا يستدعي التخلي عن الكثير من الأطعمة بالكامل مثل البقوليات، الحلوى، والعصائر. كذلك يجب التخلي تماماً عن الفواكه، والكثير من الخضروات.
نتيجة لاتباع نظام الكيتو يتحول الجسم إلى ما يسمى محرقة دهون. فيبدأ الجسم فقدان الوزن الزائد نتيجة لحرق الدهون الزائدة المخزنة في الجسم. ومن هنا تكمن فائدة نظام الكيتو في إنقاص الوزن ما دامت الأطعمة التي يتم تناولها يومياً في حدود السعرات اليومية.
أنواع أنظمة الكيتو:
يوجد لنظام الكيتو عدة أنواع، هي:-
-
نظام الكيتو الأساسي Standard ketogenic diet.
وتشمل نسب الأغذية الآتي: ٧٥% دهون، ١٥_٢٠% بروتينات، ٥_١٠ % كربوهيدرات.
يعتمد هذا النظام أساساً على تهيئة جميع وجبات اليوم بحيث تحتوي على الدهون. ولا يقصد هنا أي نوع دهون، ولكن يعتمد هذا النظام و نظام الكيتو بصفة عامة على الدهون الصحية.
ويوجد العديد من الأمثلة التي تحتوي على دهون صحية مثل:
- الأفوكادو.
- المكسرات.
- الزيتون.
- زيت الزيتون.
حيث يبلغ عدد جرامات الدهون التي يجب تناولها يومياً ١٥٠ جرام، بينما يتقلص عدد الكربوهيدرات المتناولة يومياً إلى ٥٠ جرام. وهذا يعني التخلي عن العديد من الفواكه والخضروات والالتزام بتناول الخضروات الورقية القليلة النشويات، و تناول الفواكه قليلة السعرات مثل الفراولة، والتوت البري بأنواعه. وفي النهاية يمكن تحديد عدد الجرامات اليومية في هذه النوع من النظام الكيتوني كالآتي:
- ١٥٠ جرام دهون.
- ٥٠ جرام كربوهيدرات.
- ٩٠ جرام بروتين.
-
النظام الكيتوني المستهدف Targeted keto diet.
يسمح هذا النوع من الأنظمة بإضافة المزيد من الكربوهيدرات أثناء ممارسة الرياضة.
وتشمل النسب الغذائية في هذا النواع الآتي: ٦٥%_٧٠% دهون، ٢٠% بروتينات، و ١٠% _ ١٥% كربوهيدرات.
يعتبر هذا النظام شائع بين أوساط الرياضيين ممن يتبع نظام الكيتو ولكن يحتاج إلى كمية أكبر من الكربوهيدرات لزيادة قوة الأداء أثناء ممارسة التمارين. وبذلك يسمح هذا النظام بإضافة من ٢٠ إلى ٣٠ جرام كربوهيدرات إما قبل التمرين مباشرة أو بعد التمرين حتى تساعد الجسم على التعافي بعد بذل الجهد أثناء التمارين.
وتعتبر أفضل الخيارات هي الفواكه، منتجات الألبان، أو المكملات الغذائية الرياضية. وتبلغ نسبة الكربوهيدرات في هذا النظام من ٧٠ إلى ٨٠ جرام. ويتم حرق هذه الكمية في الحال، ولا تخزن على هيئة دهون في الجسم.
-
النظام الكيتوني الدوري Cyclical keto diet.
يتضمن هذا النظام فترة عالية الكربوهيدرات. ويمكن تحقيق ذلك بتقسيم الأسبوع فترتين، فترة كيتو دايت عادي وتبلغ٥ أيام، ويومان نظام عالي الكربوهيدرات.
وتشمل النسب الغذائية الآتي: ٧٥%دهون، ١٥%_ ٢٠% بروتين، ٥%_١٠% كربوهيدرات في أيام الكيتو. و ٢٥% دهون، ٢٥% بروتينات، ٥٠% كربوهيدرات في اليومين المتبقيين.
يلجأ البعض لهذا النوع من الأنظمة حتى يمكنهم تناول نظام غذائي أكثر توازناً يحتوي على كمية مناسبة من النشويات المفيدة. وينصح بالاعتماد على الفواكه والخضروات للحصول على نسبة الكربوهيدرات، والبعد تماماً عن السكريات، والأطعمة الجاهزة.
-
النظام الكيتوني عالي البروتين.
يماثل هذا النوع النظام الكيتوني الأساسي، ولكن بنسبة بروتين أعلى.
تبلغ النسب الغذائية اليومية الآتي: ٦٠_٦٥% دهون، ٣٠% بروتين، ٥_١٠% كربوهيدرات.
ويحتوي هذا النظام على ١٢٠ جرام من البروتين يتم تناولها يومياً، و ١٣٠ جرام من الدهون، ولكن تظل نسبة الكربوهيدرات محددة لا تتجاوز ١٠%. ويجد الكثير من الأشخاص هذا النظام سهل جداً في اتباعه حيث يسمح للمريض بتناول كمية البروتين التي يريدها ويقلل من نسبة الدهون المتناولة يومياً.
ويعد كلا من النظام الكيتوني الأساسي، والنظام عالي البروتين الأنظمة الوحيدة التي تم دراستها جيداً.
فوائد نظام الكيتو دايت:
-
نظام الكيتو وخسارة الوزن.
يعد من أحدث الأنظمة المتبعة في خسارة الوزن، حيث يساعد على فقدان الوزن بسهولة، ويرجع ذلك أن هذا النظام يساعد على الشعور بالشبع لفترات طويلة لدرجة أنه لن يوجد حاجة إلى حساب السعرات المتناولة يومياً. ولكن ما السبب؟
يرجع سبب قلة الشهية المرتبطة بالنظام الكيتوني أن الهرمون المسؤول عن الشبع في الجسم ويسمى هرمون الليبتين يصل بسهولة إلى المخ، ويؤدي وظيفته في تنبيه المخ أن عملية الشبع قد اكتملت وأنه لا يوجد حاجة للطعام بعد الآن. أما في النظام العادي الذي يحتوي على الكربوهيدرات بشكل رئيسي فإن وجود هرمون الأنسولين بمعدلات عالية في الدم تمنع وصول هرمون الشبع إلى المخ، فيؤدي إلى تناول المزيد من الطعام.
تشير دراسة أجريت على مجموعات تتبع نظام الكيتو، وأخرى تتبع النظام قليل السعرات، وجاءت النتائج تشير أن المجموعة المتبعة لنظام الكيتو خسرت الوزن بمعدل 2.2 أكثر من المجموعة المتبعة للنظام قليل الكربوهيدرات. كذلك لاحظ الأطباء تحسن ملحوظ في نسب الدهون الثلاثية.
آليات فقدان الوزن بواسطة نظام الكيتو:
يقوم النظام الكيتوني بتحفيز فقدان الوزن عن طريق الآتي:
-
زيادة نسبة البروتين في النظام.
حيث يعمل البروتين على زيادة معدل الأيض في الجسم، وتقليل الشهية.
-
عملية الغلوكونوجينسيس.
يقوم الجسم بحرق البروتين والدهون يومياً للحصول على الطاقة. تهدف هذه العملية إلى حرق المزيد من السعرات طوال اليوم.
-
تقليل فئات الأطعمة المتناولة.
باتباع نظام الكيتو يجب على الشخص تجنب الكثير من الأطعمة مثل الكربوهيدرات وغيرها، وتؤدي هذه العملية إلى تقليل خيارات الأطعمة التي يمكن تناولها يومياً.
-
تقليل الشهية.
لنظام الكيتو تأثير جيد على هرمونات الشبع في الجسم. وبالتالي تقل كمية الأطعمة المتناولة يومياً.
-
تحسُن حساسية الأنسولين.
يعد علاج مقاومة الأنسولين من أعظم الفوائد التي ترجع على متبع هذا النظام. حيث يؤدي قطع جميع أنواع الكربوهيدرات في النظام الكيتوني إلى انخفاض معدل الأنسولين المفرز مما يعمل على تحسين عمله وكفاءته كذلك. و بالتالى عند تحسين حساسية الأنسولين يستطيع الجسم الحرق بشكل أفضل وفقدان الوزن.
-
تقليل نسبة الدهون المخزنة.
بعض الأبحاث تشير إلى تأثير النظام الكيتوني على عملية تكوين وبناء الدهون من السكر حيث تعمل على تقليلها.
-
زيادة حرق الدهون.
يعمل النظام الكيتوني على زيادة معدل حرق الجسم للدهون أثناء الراحة، وكذلك أثناء الأنشطة اليومية.
-
النظام الكيتوني و الأمراض الأيضية.
وتصف متلازمة الأيض خمسة عوامل خطر يمكن أن تسبب السمنة، السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وهي:
- ارتفاع ضغط الدم.
- سمنة موضعية في منطقة البطن.
- ارتفاع نسبة السكر في الدم.
- زيادة معدل الكوليسترول الضار.
- انخفاض نسبة الدهون النافعة.
يمكن التغلب على معظم إن لم يكن كل هذه العوامل باتباع نظام غذائي صحي.
يلعب هرمون الأنسولين دور هام في معظم هذه الأمراض. لذلك باتباع النظام الكيتوني الذي يقلل من معدلات الأنسولين في الدم، يمكن تحسين الحالة الصحية للكثير من مرضى السكري.
- أمراض القلب.
يمكن للنظام الكيتوني التقليل من عوامل الخطورة التي تتسبب في أمراض القلب مثل نسبة الكوليسترول، والأجسام الدهنية، وارتفاع ضغط الدم، وكذلك سكر الدم.
- مرض الزهايمر.
يمكن لنظام الكيتو التقليل من أعراض مرض زهايمر المخ، وكذلك يعمل على إبطاء تقدمه.
- تكيس المبايض.
ينشأ مرض تكيس المبايض في الأساس نتيجة مقاومة الأنسولين. ويؤثر تكيس المبايض على الهرمونات وسريان الدورة الشهرية للفتيات، وعلى الصحة الإنجابية للمتزوجات حيث يقلل من فرص الحمل. باتباع النظام الكيتوني يقل مستوى الأنسولين في الدم مما يؤدي إلى تحسن مناسب في الحالة.
كيفية حساب السعرات في نظام الكيتو:
تتحدد نسبة السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم اعتماداً على عدة عوامل أهمها درجة النشاط اليومي. ولكن يمكن اعتبار النسبة ما بين ١٥٠٠ إلى ٢٠٠٠ سعر يومياً. ولكي يتم فقد الوزن يجب تقليل ما يقارب من ٣٠٠ إلى ٥٠٠ سعر حراري يومياً. وينبغي تجنب العمل على فقدان الوزن بصورة سريعة وإلا ستبدأ الأمراض بالظهور.
كذلك يوجد العديد من التطبيقات التي يمكن استخدامها لحساب سعرات كل وجبة على حدى.
ولحساب سعراتك المطلوبة داخل نظام كيتو دايت يمكنك استخدام الآلة الحاسبة في الصفحة التالية والتى تساعدك على حساب السعرات الحرارية لك خصيصًا:
حساب السعرات الحرارية لنظام كيتو دايت
المصادر:
1.https://www.news-medical.net/health/History-of-the-Ketogenic-Diet.aspx.
2.https://www.health.com/weight-loss/keto-diet-types.
3.https://www.healthline.com/nutrition/ketogenic-diet-and-weight-loss#section5.